بينما تتعالى تكبيرات نصرة سوريا في الصالة المغطاة وتتسابق الحناجر في الدعاء على بشار و حركة تمرد "الكافرة "..وقف في المشهد الخلفي ملتحيان يرتديان بدلتان من ماركة "زارا "الشهيرة يبتسمان ويهمس احدهما في اذن الاخر ..تفتكر امريكا هتبقى راضيه عن المشهد وتقف معانا ضد "تمرد"..ردالاخر بثقه طبعا ..امريكا لاتعرف سوى مصلحتها ..لا يوجد في المنطقة من يحافظ عليها مثلنا.. معنا الاسلام واموال البترول..ارتسمت ابتسامة على شفاههم وتقدموا الى قلب المشهد مرددين نشيد "في سبيل ديننا"!
اسطنبول بداية العام الماضي.. قاعة اجتماعات مؤتمر مستقبل دول الربيع العربي ..هنري كيسنجر كبير مهندسي السياسية الامريكية الخارجية لعقود يتوقع للحضور صعود الإخوان المسلمين لملء فراغ السلطة في مصر بعد رحيل مبارك ، اجابه كسينجر اثارت علامات استفهام ..منذ متى تثق واشنطن في الإخوان ؟
رد كيسنجرإن للولايات المتحدة الأمريكية ثلاثة مطالب بالنسبة لمصر من يحققها يحوز الرضا وهى الحفاظ علي أمن إسرائيل ،ضمان حرية الملاحة امام حركة ترسانة البحرية الأمريكية المتوجهة شرقا إلي الباسيفيك في قناة السويس ، بقاء العسكرية المصرية في دائرة وفلك العسكرية الأمريكية عقيدة وتسليحا ودعما ماليا !
في مايو 2011 اعلن البيت الابيض عن اختيار السفيرة ان باترسون لسفارتها في القاهرة بعدما انهت مهمتها في باكستان بقتل اسامة بن لادن ..حضرت الى القاهرة في اغسطس ثم ذهبت في اول زيارة رسمية من سفير أمريكي لمقر مكتب ارشاد جماعه الاخوان المسلمين في يناير2012 بعدما فازوا بانتخابات مجلس الشعب .
باترسون من السفيرات الغير عاديات في الخارجية الامريكية فهي لاتحتاج الى واسطة من اجل الوصول لأوباما وسوزان رايس ولها سوابق في تطويع قاده الجيش الباكستاني لصالح التحرك العسكري الأمريكي بمساعدة الاسلاميين .. كانت هي الاجدر للتعامل مع الحالة المصرية وتنفيذ السياسية الامريكية الجديدة في المنطقة والتي تبتعد فيها امريكا عن التدخل المباشر واداره الصراع مع ايران عبر وكلاء محليين وتحدثت مراكز الابحاث الامريكية صراحة عن ان قيام حرب مذهبية " سنية –شيعية " في الشرق الاوسط كفيل بنزع انياب ايران وحزب الله .
في الكواليس من يقول ان باترسون هي التي حسمت الصراع على السلطة بين الجيش والاخوان وانها مهندسة قرارات مرسى التي اقصى فيها المجلس العسكري دون سابق انذار مستفيدا من غضب شباب الثورة من المجلس العسكري وانها حققت انتقامها من المشير طنطاوي الذى لم يستجب لرغبتها في انهاء ازمة التمويل الأجنبي بينما كان يسعى طنطاوي لاستخدام القضية كورقه ضغط من اجل وقف الدعم الأمريكي للإخوان الذى اتخذ شكلا علنيا بعدما تعددت اللقاءات بين اركان الإدارة الامريكية والاخوان .
وبعد ظهور جبهة الانقاذ في معارضة مرسى ..كانت باترسون جاهزة بحملة تشوية المعارضة المصرية لمرسى في الولايات المتحدة ..وصفتها بانها ضعيفة ومنقسمة وهشة في مقابل قوه الاسلاميين" اخوان وسلفيين ".
كان ظهور تمرد مفاجأة للثنائي مرسى –باترسون خاصة وانها اكتسبت مصداقية غير مسبوقة وامتزجت بغضب الشارع من فشل مرسى في حل المشاكل الداخلية ..واصرار الجماعة على التمكين.. طلبت باترسون لقاء تمرد فرفضوا ..طلبت لقاء المعارضة التى تؤيد تمرد فحضر لها الصف الثاني الذى هاجمها ..فبدأت في حمله جديده للترويج بان تمرد قفزة في الفراغ والتفاف على شرعية الرئيس المنتخب ..واصبح واضحا للجميع ارتباك المشهد الأمريكي مما يحدث في مصر .
تمرد وضعت مرسى وباترسون في موقف حرج فتعاونهما اصبح على المحك في ظل تصاعد الغضب الداخلي وفشل الشيوخ في السيطرة على الشارع الغاضب ..ما الذى يمكن ان نفعله ..انها سوريا والشيعة ..و لم لا ..منها استجابة لواشنطن التي اعلنت عن دعمها لمعارضي بشار بالسلاح ومنها عودة اخوانية لحضن السلفيين الذى اصبح باردا في الفترة الاخيرة .
تحركات الاخوان العبثية لنصرة "واشنطن " بقطع العلاقات المقطوعة مع سوريا وغيرها من المزايدات الرخيصة لن تنطلي على احد ولن تنجح في وقف التمرد على فشل حكم الاخوان ..وليعلم المتمردين انهم لن يواجهوا الاخوان وحدهم في الميدان فالولايات المتحدة تقف في الخلفية تسند الاخوان وتكبح جماح الجيش ..امام الشعب المصري تحدى حقيقي لم يتعرضوا له منذ حرب اكتوبر 73 ..نحن في انتظار معجزة مصرية جديدة !