في يوم 31 ديسمبر 2010 انفجرت سيارة مفخخة وعبوة ناسفة أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية قتلت 21 مصريا مسيحيا، وأصابت حوالي 97 آخرين، تاهت القضية وسط انشغال المصريين بأحداث 25 يناير، ثم خرج بعدها تنظيم جماعة الإخوان المحظورة ليقول إن من ارتكب هذه الجريمة هو نظام مبارك وحبيب العادلي وزير الداخلية السابق، متناسين أن مواقع إرهابية عدة أعلنت قبل التفجير أنها ستستهدف الكنائس في مصر؛ من أجل الضغط عليها للإفراج عن الأخوات الذين أسلموا والمحبوسين في الأديرة!
اتهام الإخوان لحبيب العادلي في هذا الوقت صدقه الكثيرون من البسطاء الذين استسلموا لجهاز شائعات الإخوان، الغريب أن العملية تكررت بتفاصيلها 3 مرات حتى الآن منذ الإطاحة بالإخواني المعزول محمد مرسي من كرسي الحكم.. الأولى تفجير مبنى تابع للمخابرات في العريش، ثم تفجير موكب وزير الداخلية، ثم تفجير قسم شرطة الطور، وأخيرا تفجير مبنى تابعا للمخابرات في الإسماعيلية، وتتطابق طريقة التفجيرات سواء بالسيارات المفخخة أو العبوات الناسفة مع ما يحدث في عدد من الدول العربية الأخرى مثل سوريا والعراق واليمن، وكلها تحمل توقيع تنظيم القاعدة ومشتقاته التنظيمية.
بالطبع هذا الربط لن يقتنع به المواطن الإخواني أو الذي استسلم لخطابهم الإعلامي، وأصبح أكثر ميلا لتصديق خرافات وخزعبلات قيادة إخوانية مثل عزة الجرف التي ألصقت تهمة ارتكاب حادث كنيسة الوراق الأخير لجهاز المخابرات، لينضم لاتهام سابق للقوات المسلحة بأنها قتلت رجالها في سيناء، وغيرها من الاتهامات التي يسوقها الإخوان لإبعاد الشبهة عنهم وعن حلفائهم في تنظيم القاعدة في مصر بعد كل عمل إرهابي يتم تنفيذه، ضمن خطتهم لزرع الفوضى في الوطن انتقاما من الشعب المصري وجيشه.
لا أعلم إذا كانت النائبة البرلمانية السابقة لديها فكرة عن الجهاز ودوره المنوط به كجهاز أمني مهمته الرئيسية جمع المعلومات، أغلب الظن أنها لا تعلم واتهامها للمخابرات يأتي ضمن خطة الإخوان وتنظيمهم الدولي لتشويه الأجهزة الوطنية مثل الجيش والشرطة.
الوطنية لا تباع ولا تُشترى، والإخوان طلقوا الوطنية من أجل التنظيم، ولعل تشجيعهم لفريق غانا وتهليلهم لانتصاره على منتخبنا لا يمكن اعتباره خلافا سياسيا مع فصيل وطني، كما لا يمكن اعتبار ما قالته مراسلة قناه 25 يناير الإخوانية صغيرة السن وابنة التنظيم حول سجودها لله شكرا إذا احتلت إسرائيل سيناء مرة أخرى وجهة نظر أو مجرد رأي.. وهو ما يضع علامة استفهام كبرى حول تربية الفرد الإخواني داخل هذا التنظيم وعلاقته بمصر؟
أزمة الوطن مع الإخوان أصبحت وفق ما تكشف من حقائق ومواقف أعمق بكثير من الخلاف السياسي، فنحن أمام جماعة لم يعد لديها إحساس بقيمة الوطن.. لم تقاوم إملاءات قادمة لها من الخارج تستهدف القوات المسلحة وأمن البلاد.. بررت ولم تدين قتل جنودنا في سيناء أو استهدافهم من قبل عناصر القاعدة المتحالفة معهم.. حرقت كنائس المسيحيين، وكونت عصابات لخطفهم في المنيا، ثم تلصق التهمة مرة للأقباط أنفسهم، ومرة للمخابرات، رغم أن المتابع لمسرح "رابعة" يتذكر بسهولة فقرتهم اليومية لتهديد المسيحيين وكنائسهم بالحرق إذا لم يتراجعوا عن خارطة الطريق، وتفجير مصر بالسيارات المفخخة إذا ما ثاروا على حكم المعزول، وبالتالي فالتحريض موجود وقائم.
على الدولة أن تتوقف طويلا أمام هذا الترابط بين قضايا الإرهاب قبل وبعد ثورة 30 يونيو، وبين تهديدات الإخوان وتحريضهم على العنف، وأن تعيد من جديد التحقيق في قضية القديسين، وأن يقدم هذه المرة إلى العدالة مرتكبو الجريمة أو المحرضون عليها لينالوا جزاءهم الرادع، كما يجب أن تبدأ الحكومة ومؤسسات العمل المدني من أحزاب وجمعيات أهلية في توضيح الحقائق مع تدشين حملات حقيقة لمواجهة التطرف الديني والفكري الذي نجح الإخوان- للأسف- في زرعه داخل كثير من شبابه، وحولته إلى قنبلة موقوتة قد تنفجر اليوم أو غدا ضد وطنه.