تتمتع بورسعيد بتراث معمارى فريد غير متكرر، على مستوى مصر، و على مستوى العالم. تراث يجمع بين عدة طرز معمارية تنتمى إلى القرن التاسع عشر والقرن العشرين، طرز جمعت بين الطابع الكوزمو بوليتانى والطابع المحلى. وبشهادة الخبراء المعماريين الدوليين فإن بورسعيد هى المدينة الوحيدة فى العالم التى تحتوى عمارات خشبية مكونة من ثلاثة وأريعة طوابق مازالت مأهولة بالسكان. وهذه ميزة معمارية ينبغى الحفاظ عليها وإنماءها بالصيانة والاستغلال الحسن لها لاسيما أنه ما عاد لصناع هذه المآثر المعمارية وجود، وما عادت خامات البناء متوفرة بالقدر الذى كانت عليه عند بنائها.
تشتهر بورسعيد بوطنيتها وبسالتها فى صد الأعادى، وباجتماع هاتين الصفتين: الوطنية والبسالة بتراثها المعمارى تتكون شخصية المدينة وتتشكل هويتها. لقد ورثت بورسعيد كنزاً لا تقدر قيمته بثمن، كنز يمكنه أن يرفد فى الاقتصاد المحلى للمدينة والاقتصاد القومى لمصر كلها الخير العميم، وهل بورسعيد أقل فى تقدير أهمية تراثها المعمارى من مدن أخرى أوربية وعربية راجت بسبب حسن استغلالها لتراثها المعمارى؟.. نعم تراث بورسعيد هو إرث من زمن ماض، لكنه وثيق الصلة بالحاضر، وبالمستقبل، فكيف نسمح بتبديد هذا الإرث فى حاضرنا، لنعض بنان الندم فى مستقبلنا؟.. كيف ونحن نعرف أن من ليس له ماض ليس له مستقبل؟
إن معاول الهدم تنشط بحماس لتبديد هذا التراث. المضاربون يضغطون لجنى ملايين الجنيهات، والملاك والمستأجرون معذورون، فالإغراءات قوية، ولرائحة البنكنوت جاذبية تفوق كل مشاهد الجمال التى تتمتع بها مبانى بورسعيد التراثية. القانون رقم 144 لسنة 2006 نص على منح الملاك تعويضات، لكن كيف؟.. ما هى الآلية؟.. متى يبدأ التنفيذ؟.. منذ صدر هذا القانون حتى الآن ونظم الحكم ومؤسساتها غافلة عما جاء به، ولم تفكر جدياً فى حماية المبانى التى صدر القانون لحمايتها.
ولولا نشاط المخلصين من الشباب والمثقفين المتحمسين للدفاع عن هذا الثراث الكنز لما صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1096 لسنة 2011م باعتماد تسجيل 505 عقار بقوائم العفارات ذات الطرز المعمارية التراثية المميزة، ومع هذا هناك دائماً محاولات للالتفاف حول هذا القرار، وهناك ضغوط تمارس بقوة ودون توقف لاستصدار قرارات بهدمها على الرغم من هذا التسجيل، والغريب أن الإدارة المحلية تسجيب لهذه الضغوط.
لقد آن الأوان لوضع رؤية شاملة لبورسعيد الحاضر والمستقبل، رؤية تفيد من مقوماتها الفريدة، غير المتكررة زمانياً ومكانياً؛ رؤية تمنع التضارب بين اللجان الخاصة بالجهاز القومى للتنسيق الحضارى واللجان التى يتم "تطبيخها" فى المحافظة، رؤية تنظمها قوانين جادة توضع لتنفذ. وإنه لأمر مخجل ألا تحظى بورسعيد بالقدر الكافى من الاهتمام وهى التى كانت فى وقت من الأوقات أسبق مدن مصر إلى الحضارة وأكثرها انفتاحا على الداخل والخارج.. على مصر والعالم. نحن نضغط الآن من أجل قيد مدينة بورسعيد فى قائمة اليونسكو للمدن ذات التراث الثقافى العالمى، فهلا ساعدتمونا.