من الواضح أن ثورة 25 يناير لم تصل إلى بورسعيد حتى يومنا هذا. يظهر هذا جليا في المحيط الأدبي والثقافي، وفي الواقع المتردي على جميع المستويات، طارحة مشكلات لم تناقش أو تحل منذ عقود سابقة.
المشكلة الأولى.. ناتجة من عدم وجود أبنية ثقافية تضم نخب المبدعين سواء الأبنية التي هدمت أو التي مازالت تحت الترميم مثل قصر ثقافة بورسعيد الذي مضي عليه في الترميم أربع سنوات وينتظر أن يستمر مثلها أو إلى ما شاء الله، وقد وصلت الحالة بالأدباء والمثقفين إلى درجة تسول الأماكن التى يجتمعون فيها.
المشكلة الثانية .. بادية في ترهل وتفسخ وضعف الأداء في المؤسسات الثقافية التي من المفترض أن ترعي بذورالإبداع لتنمو وتمتد لمساحات خلق الوعي، وتبارك ثقافة المجتمع، إلا أنها ارتكنت إلى التوقف عن المبادرة أو المشاركة والتفاعل، وأمسي الأمر مقصورا على الأنشطة التي تجلب العائد أو بالمعني الدارج (السبوبة) استمراراً لثقافة عصر مبارك حيث الدوافع مادية نفعية (برجماتية) وليست معرفية خدمية.
المشكلة الثالثة.. ظهرت في تراكم الخلافات والاشتباكات بين محاور الإبداع، ثم باركت المؤسسات الثقافية سياسة التصادم والاشتباك طبقا لنفس الأفكار المباركية (فرق تسود) وتشرذم الواقع الأدبي وتفتت إلى جزر منفصلة متصارعة صراعا سلبيا يئد أى مشروع للنهضة من أجل بعض المكاسب الهزيلة، وأهمها الظهور على الساحة لتؤكد انتصار الشخصنة والفردية بدلا من العمل الجماعي الذي يصب في مصلحة الحركة الثقافية للمدينة.
المشكلة الرابعة.. وهي الأكثر صعوبة بدت في تعنت الوزارات المعنية بالأمر (الثقافة/ الآثار) فعلى الرغم من وعود الوزراء السابقين الذين زاروا بورسعيد في العام السابق (أبو غازي / شاكر عبد الحميد) واطلقا وعودا طيبة، إلا أنه بعد استقالة البعض، وتغير البعض الآخر عملت الوزارة (ودن من طين وودن من عجين) حتي استكملت الكارثة بالزيارة الاخيرة لوزير الاثار بقنبلته الشهيرة التي فجرها في وجوه المثقفين بإعلانه غير المبرر عن إعادة تمثال ديليسبس إلي موقعه السابق دون وضع آي اعتبار لأفكار ومشاعر المثقفين والمناضلين من أبناء بورسعيد وهذا حظ بورسعيد العاثر في وزارات يفترض انها هي المرجع الرئيسي لمحافظة كانت تشتهر بكونها (كوزمو بوليتنايه) تسمح بالآخر ولا تتنازل عن كرامتها الوطنية.
وأخيرا فإن الواقع الأدبي في بورسعيد هو محل اجتهادات شخصية مخلصة من بعض رموز الثقافة النبلاء وعلى رأسهم قاسم مسعد عليوة ومحمد المغربي، ثم هناك في البعيد يقبع الضعفاء والكسالي والمترهلين ومدعو الثقافة والمنتفعين من الخلافات، ومن وراء كل هؤلاء يكمن الحاقدون والهجاوؤن والشتامون، ينتظرون لحظة سكون أو استراحة محارب من هؤلاء البواسل ليشنوا الهجوم ويدمروا حلم الثورة في التغيير في بورسعيد، التي لاتزال تحاول إزالة آثار المنطقة الحرة بتبعاتها السلبية التي أطفأت مشاعل المدينة بعدما كانت محل تقدير واحترام العالم ذات يوم.
بورسعيد.. لك الله يابورسعيد.